مع الريح تغادرنا السفن التي خلّفتنا غرباء على الضفاف الغربيّة، مع الريح تتطاير كفاكهة يتيمة تلك الأمنيات المنسيّة، مع الريح ترسم الممحاة خطواتها المرتجفة على الطريق المظلمة وتأتي المواسم عرجاء بارتحالات زائفة، ولكنّ قلبي البريء ذهب مع الريح طيراً فقد قدرته على الطيران.
هي الريح نفسها التي صفرت في جنباته طويلاً لتستدرجه من عزلته نحو المتاه الكبير، قلبي الذي ذهب مع الريح لم ينسَ تلك القصاصات الصغيرة لتتناثر هنا وهناك فتدلّ عليه، ولكنّ أشباح الطريق فرّقتها كرماد تذروه أيادي الريح النقيّة البيضاء.
فمن يجمع رماد الذاكرة ليبني أحجية الريح، ومن يجمع شتات الروح ليغنّي مع الريح، بل من يجمع أشلاء الفؤاد ليُنسيه السنوات العجاف التي قضاها متقلّباً على جمر في غياهب الأحزان؟؟!!!
مع الريح تتغيّر حياة الجميع، وتنفلت كلّ الزوارق البحريّة التي كانت على ميعاد مع الآلام عند ميناء الأوجاع.