حين تعربد النايات
لحناً من وجع
أقف على بقايا جثّتي
في زمن مقفر
أراقص الأوجاع في سعادة
منتشية من خمرة الألم
في صمت الليل
وسكون القلب
النابض بالحياة
رغم طعنات الزمن
روح مثخنة بالجراحات
وفؤاد يُدمي
ووجه طَلْقٌ وفم مبتسم تماماً
كناي حزين
يطلق أعذب الألحان
حين تعربد النايات
لحناً من وجع
فيُطرب المستمعين
وأنا أقف عند فوّهة
بركان الأحزان
أتلظّى بنيران الشوق تارة
وأتغطّى بوهج الحنين
تارة أخرى
في غيابك كلّ شيء بخير
الشمس تشرق كعادتها
القمر يطلّ من على شرفتي
ككلّ ليلة
النجوم تغازله كما اعتادت
المدينة ماتزال صاخبة
ليلها كنهارها
الشارع مازال مكتظّاً
والرصيف أكثر اكتظاظاً منه
البلابل تغرّد كما ألِفت
وهي أوّل المستيقظين
كعادتها أيضاً...
الكون كلّه في استمراريّة
إلا أنا
في داخلي شيء تغيّر
بقايا من حلم اندثر
أشلاء أمل مبعثر
وشظايا قلب انكسر
وركام فؤاد انتثر
إذن في غيابك
كلّ شيء بخير إلا أنا
المومس الفاضلة
وأراك كالدخان في سيجارتي
تثلج صدري بارتياح أحياناً
وأحياناً تخنقني
وحين تنتهي سيجارتي
وجودك ينتهي
وأطحنك بين أصابعي
آخذ منك ما تبقّى بنفسٍ أخير
بنفسٍ قليل
وقدّاحتي تضيء بعتمة الليل
تؤنسها سيجارتي
تلك أنا المومس الفاضلة
وذاك أنت إبليس
في ثوب القدّيس
كدخان سامّ بات حبّك
يقتلني
كدخان سامّ بات عشقك
يخنقني
لا تتعدّى حرمة دفاتري
وأقلامي
حروفي وأسطري
كتاباتي تعنيني أنا فقط
ولا تعني أحداً
كسيجارة تؤذيني أنا فقط
ولا تؤذي أحداً
لا غيرها يعنيني
ولا أمرك بات يعنيني
فانقشع كغيمة سوداء داكنة
أمام ناظريّ
بات ظلامها يتعبني...